الحكومة فشلت في جميع القطاعات، ونجحت في تأجيج وانتفاضة الشباب..

الحكومة فشلت في جميع القطاعات، ونجحت في تأجيج وانتفاضة الشباب..
16:17 الثلاثاء 30 شتنبر 2025

بقلم/ ربيع كنفودي

 

عرفت العديد من مدن المملكة المغربية، نهاية الأسبوع، مسيرات احتجاجية قادها شباب من فئات عمرية مختلفة، خرجت للشارع تطالب بمطالب اجتماعية تهم التشغيل، الصحة والتعليم..

لا أريد الدخول في تفاصيل تهم قانونية أو عدم قانونية هذه المسيرات التي تواجهت مع العناصر الأمنية التي من واجبها حماية النظام العام، والحرص على أمن وسلامة المواطنين وممتلكات الغير، لكن ما يهمنا هي الفئات العمرية التي خرجت واحتجت ونددت ضد سياسة التهميش والإقصاء الممنهجة التي تنهجها الحكومة التي وصفت نفسها بحكومة "الكفاءات" وحكومة "الإنجازات"، لتتحول بقدرة قادر إلى حكومة "الاعتقالات".. خرجت هذه الفئة التي أطلق عليها "جيل Z"، وطالبت بتحسين وتجويد الخدمات الصحية المقدمة للمواطن، إضافة إلى منظومة تعليمية في المستوى المطلوب، مع توفير مناصب شغل لفائدة الشباب سواء حاملي الشهادات أو دون ذلك.

احتجاجات هذه الفئة العمرية وخروجها إلى الشارع عرت حقيقة أحزاب الأغلبية الحكومية التي فشلت فشلا ذريعا، أولا في تحقيق هذه المطالب، علما أنها كانت من النقاط الأساسية في البرنامج الحكومي الذي سبق أن قدمته أمام البرلمان ووعدت بتنزيله وتنفيذه على أرض الواقع..

ثانيا فشلت في التأطير والإنصات لهؤلاء الشباب الذين فقدوا الثقة في الأحزاب السياسية وخطابها الممزوج بأساليب المراوغة والتضليل من أجل الحصول على المناصب ليس إلا.
الاحتجاجات والمسيرات كشفت حقيقة الأغلبية البرلمانية، التي تحولت إلى "بوق للحكومة" تزمر وتطبل دون أن تنتقد أو تتقرب من هاته الفئة التي عبرت عن غضبها من الوعود الكاذبة التي قدمت لها. وكيف لأغلبية برلمانية أن تعيش معاناة الشباب ومنهم من يصف منتقدي الحكومة بالجراثيم، ومنهم من يقول لمنتقديه "من أنت، وشكون اللي عطاك الحق تتكلم وتنتاقد؟"، ونسي أن هذا الذي انتقد هو من أوصله للبرلمان وللحكومة، وحتى لو لم يصوت عليه، فهو مواطن مغربي من حقه أن يتساءل ويوجه انتقاداته لمن رغب في تسيير وتدبير الشأن العام..

احتجاجات الشباب، كانت من المفروض أن تتواجه مع الحكومة من خلال الأحزاب المشكلة لها، لا أن تصطدم مع القوات الأمنية التي من واجبها، كما سبقت الإشارة، السهر على النظام العام، لكن وبما أن حكومتنا هي حكومة فاشلة ليس فقط في المنجزات والمشاريع، بل فاشلة حتى على مستوى الإنصات والإقناع، يعني "خوافة"، ولعل خطابها السياسي يتحدث عن هذا، خطاب فاشل، خطاب يسوق التفاهة أكثر من المعقول. فضلت الحكومة الإختباء، وتركت وزارة الداخلية تواجه هذه الاحتجاجات والمسيرات، ونسيت أن المواطن المغربي، مهما كانت الظروف، كان ولازال وفيا للمؤسسة الملكية والعرش العلوي، ووفيا أيضا للمؤسسات الأمنية بمختلف تلويناتها، لكن في المقابل يستشيط غضبا على الحكومة، اي على المنتخبين الذين باعوا الوهم له وسرقوا منه أحلامه، عيش كريم، تعليم، صحة، شغل وسكن...، وعلى الحكومة "حكومة المال والأعمال" أن تعي جيدا أن المواطن المغربي بصفة عامة، شيبا وشباب، نساء ورجال، فقد ثقته فيها، وكما واجهها في الشارع بمسيرات ووقفات، أكيد سيواجهها في صناديق الاقتراع.
ولا غرابة في هذا، لأن  الملك محمد السادس سبق أن أكد على هذا في خطاب العرش لسنة 2017،  "إذا اصبح ملك البلاد لا يثق في الطريقة التي تمارس بها السياسة وفي عدد من السياسيين، فماذا بقي للشعب.."

ثالثا، عرت عن فشل الأحزاب والنقابات المغربية في احتضان هذا الغضب الشعبي وتأطيره، وكأنها "باعت الماتش" وتنكرت لنضالات الطبقات الشعبية من طلبة وعمال.
رابعا، كشفت حقيقة بعض التلاوين السياسية التي فشلت في الدخول إلى المعترك السياسي من الباب الواسع، فحاولت أن تركب على الموجة وتستغل الغضب الشعبي لعلها تقضي مآربها وتصفي حساباتها السياسية وتصل إلى وطأة قدم ولو صغيرة في بحر التمثيل الشعبي.

خامسا، يسائلنا هذا الغضب الشبابي القادم من الفضاء الأزرق حول الأجوبة التي أعددناها للتفاعل مع مطالبهم، ويسائلنا حول أساليب التربية والتعليم في تأطير هذا الجيل الجديد، ويسائلنا حول جدوى بعض المنتخبين المحليين والاقليميين والجهويين والبرلمانيين في الدفاع عن قضايا المواطنين والتصدي لزحف الفساد في المؤسسات وسلوك الأفراد.

خلاصة، الاحتجاجات السلمية للشباب تجعلنا نستحضر خطاب العرش لسنة 2017، حيث قال جلالته، "وأمام هذا الوضع، فمن الحق المواطن أن يتساءل: ما الجدوى من وجود المؤسسات، وإجراء الانتخابات، وتعيين الحكومة والوزراء، والولاة والعمال، والسفراء والقناصلة، إذا كانون هم في واد، والشعب وهمومه في واد آخر؟. فممارسات بعض المسؤولين المنتخبين، تدفع عددا من المواطنين ، وخاصة الشباب، للعزوف عن الانخراط في العمل السياسي، وعن المشاركة في الانتخابات. لأنهم بكل بساطة، لا يثقون في الطبقة السياسية، ولأن بعض الفاعلين أفسدوا السياسة ، وانحرفوا بها عن جوهرها النبيل."

أليس في الحكومة حزبا رشيدا يخرج وينتقد ذاته ويقول فشلنا، عوض تمرير خطاب الوهم وتسويقه على أنه من المنجزات..

أضف تعليقك

‫‫من شروط النشر : عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الإلهية، والابتعاد عن التحريض العنصري والشتائم‬.

‫تعليقات

0
صوت وصورة
الأربعاء 06 غشث 2025 - 15:31

صوت وصورة
الأربعاء 06 غشث 2025 - 15:28

صوت وصورة
الأربعاء 06 غشث 2025 - 13:15

صوت وصورة
الأربعاء 06 غشث 2025 - 13:14

صوت وصورة
الخميس 12 شتنبر 2024 - 12:37

صوت وصورة
الخميس 12 شتنبر 2024 - 12:35