بلفور... الوعد الذي صنع أسوء وحش بشري في التاريخ

بلفور... الوعد الذي صنع أسوء وحش بشري في التاريخ
17:17 الأحد 05 نونبر 2023

لاتزال مجازر الاحتلال الصهيوني تواصل ارتكابها لأبشع الجرائم في حق الفلسطينيين، منذ السابع من أكتوبر أو ماسمي بطوفان الأقصى، والتي خلفت مئات الضحايا و عشرات الجرحى، الآلاف منهم أطفال. ناهيك عن مسلسلات الإبادة الجماعية بشتى أشكالها المستمرة ليومنا هذا، في حين يواصل المجتمع الدولي تكتمه اللامشروط وسط اضطهاد واضح لأفواه المتضامنين مع القضية الفلسطينية في جميع أنحاء العالم، مسلمين كانوا أم لا.

اليوم وفي هذا المقال سنتطرق وبالتفصيل لما سمي بالوعد، الوعد الذي أباد وطنا بالكامل، يتم أطفالا وشرد عائلات، الوعد الذي قطعه الغرب للتكفير عن مجزرة "الهولوكوست" الشهيرة، التي تعرض لها اليهود على يد الغرب فيما سمي بالحملات الصليبية، أعقاب الحرب العالمية الأولى. نتحدث إذا عن وعد بلفور، ما هو هذا الوعد ومن قطعه وكيف؟ كل هذا سنتعرف عليه في هذا المقال.

وَعْدُ بَلفُور أو إعلان بَلفُور بيانٌ علنيّ أصدرته الحكومة البريطانيّة خلال الحرب العالمية الأولى لإعلان دعم تأسيس «وطن قوميّ للشعب اليهوديّ» في فلسطين، التي كانت منطقة عثمانية ذات أقليّة يهوديّة (حوالي 3-5% من إجماليّ السكان). ونصها : 

 

«تنظر حكومة صاحب الجلالة بعين العطف إلى إقامة وطن قوميّ للشعب اليهوديّ في فلسطين، وستبذل غاية جهدها لتسهيل تحقيق هذه الغاية، على أن يفهم جلياً أنه لن يؤتى بعمل من شأنه أن ينتقص من الحقوق المدنية والدينية التي تتمتع بها الطوائف غير اليهودية المقيمة في فلسطين، ولا الحقوق أو الوضع السياسي الذي يتمتع به اليهود في أي بلد آخر.»

 

ضُمِّنَ هذا الوعد ضمن رسالة بتاريخ 2 نوفمبر/تشرين الثاني عام 1917 مُوَجَّهَةٌ من وزير خارجيّة المملكة المتحدة آرثر بلفور إلى اللورد ليونيل دي روتشيلد أحد أبرز أوجه المجتمع اليهودي البريطاني، وذلك لنقلها إلى الاتحاد الصهيوني لبريطانيا العُظمى وإيرلندا.و نُشر نص الوعد (أو الإعلان) في الصحافة في 9 نوفمبر/تشرين الثانيّ عام 1917.

ما لا قد يعلمه الكثيرون، فإن هذا الانحياز الكبير الذي تمارسه دول المجتمع الغربي برئاسة الولايات المتحدة الأمريكية، ما هو إلا ضمان لوعد وقعوه مع اليهود للتخلص من اليهود الأوروبيين الذين تم الدفع بهم نحو العرب والمسلمين، خاصة في فلسطين، تحت ما سموه هم "وعد الله"،  للتخلص من أعباء جرائم هتلر التي كانت أنذاك تخدم مصالح الغرب، إلا أن أطماع هتلر أنذاك فرضت على بريطانيا، وفرنسا والولايات المتحدة الأمريكية الانقلاب على النازية والبحث عن حل جديد يخلصهم من اليهود فيما بعد.

نشأت الصهيونية آواخر القرن التاسع عشر كردَّة فعلٍ على الحركات القوميّة المعادية للسامية والإقصائيّة في أوروبا. ساعدت أيضاً القوميّة الرومانسيّة في شرق ووسط أوروبا على إطلاق الهاسكالا أو حركة «التنوير اليهوديّ»، مما خلق انقساماً في المجتمع اليهوديّ بين أولئك الذي رأوا اليهوديّة كدين لهم وأولئك الذين رأوها كعرقيتهم أو أمتهم. وقد شجَّعت برامج الإبادة اليهودية في روسيا القيصريّة تنامي الهويّة الأخيرة، مما أدى إلى تشكيل منظمة أحباء صهيون، ونشر ليون بينسكر لـكتابه «الانعتاق الذاتي» وأول موجة رئيسية للهجرة اليهوديّة إلى فلسطين، والتي سُميت بـ«عليا الأولى».

عام 1896، نشر تيودور هرتزل، وهو صحفيّ يهوديّ يعيش في الإمبراطورية النمساوية المجرية، نشر النص الأساسيّ للصهيونيّة السياسيّة بكتاب تحت عنوان الدولة اليهودية (بالألمانيّة: Der Judenstaat)، وقد أكَّد في هذا الكتاب على أن الحل الوحيد للمسألة اليهوديّة في أوروبا، بما فيها تنامي معاداة الساميّة هو تأسيس دولة لليهود. وبعد عام، أسَّس هرتزل المنظمة الصهيونية، التي دعت في أولى مؤتمراتها إلى تأسيس «وطن للشعب اليهوديّ في فلسطين تحت حماية القانون العام». تضمَّنت التدابير المقترة لتحقيق هذا الهدف، تعزيز الاستيطان اليهودي في فلسطين، وتنظيم اليهود في الشتات، وتعزيز الشعور والوعي اليهوديّ، والخطوات التحضيريّة للحصول على المنح الحكوميّة اللازمة، للإشارة، توفي هرتزل عام 1904 دون أن يحصل على أي مكانة سياسيّة مطلوبة لتنفيذ أجندته.

في عام 1896 ، نشر تيودور هرتزل، وهو صحفيّ يهوديّ يعيش في الإمبراطورية النمساوية المجرية، نشر النص الأساسيّ للصهيونيّة السياسيّة بكتاب تحت عنوان الدولة اليهودية (بالألمانيّة: Der Judenstaat)، وقد أكَّد في هذا الكتاب على أن الحل الوحيد للمسألة اليهوديّة في أوروبا، بما فيها تنامي معاداة الساميّة هو تأسيس دولة لليهود. وبعد عام، أسَّس هرتزل المنظمة الصهيونية، التي دعت في أولى مؤتمراتها إلى تأسيس «وطن للشعب اليهوديّ في فلسطين تحت حماية القانون العام». تضمَّنت التدابير المقترة لتحقيق هذا الهدف، تعزيز الاستيطان اليهودي في فلسطين، وتنظيم اليهود في الشتات، وتعزيز الشعور والوعي اليهوديّ، والخطوات التحضيريّة للحصول على المنح الحكوميّة اللازمة.  توفي هرتزل عام 1904 دون أن يحصل على أي مكانة سياسيّة مطلوبة لتنفيذ أجندته. انتقل القائد الصهيونيّ حاييم وايزمان، وهو أحد رؤساء المنظمة الصهيونية العالمية، انتقل من سويسرا إلى المملكة المتحدة عام 1904 والتقى بآرثر بلفور، الذي أطلق حملته الانتخابيّة 1905-1906 بعد استقالته من منصب الوزير الأول في وقت سابق من العام ذاته، حيث التقيا في جلسة نظَّمها تشارلز دريفوس ممثل بلفور في الدوائر اليهوديّة. وفي وقت مُبكر من هذا العام، استطاع بلفور الدفع بقانون الأجانب إلى البرلمان، بالإضافة إلى خطابات عاطفيّة تتحدَّث عن ضرورة تقييد موجة هجرة اليهود الفارين من الإمبراطوريّة الروسيّة إلى بريطانيا.وقد تساءل بلفور خلال هذا اللقاء عن اعتراض وايزمان على خطة أوغندا لعام 1903 التي دعمها هرتزل لتوفير جزء من شرق أفريقيا البريطاني للشعب اليهوديّ كوطن. كان جوزيف تشامبرلاين سكرتير الدولة للمستعمرات في حكومة بلفور قد اقترح هذا المخطط على هرتزل، وذلك بعد رحلته إلى شرق أفريقيا في وقت سابق من هذا العام، تم التصويت على هذا المخطط بعد وفاة هرتزل في المؤتمر الصهيونيّ السابع عام 1905بعد عامين من النقاش الدائر في المنظمة الصهيونيّة، ردَّ وايزمان أنه يعتقد بأن الإنجليزيّة تنتمي للندن كما ينتمي اليهود إلى القدس. و قد التقى وايزمان والبارون إدموند روتشيلد، وهو عضو في الفرع الفرنسيّ لعائلة روتشيلد وداعم رئيسي للحركة الصهيونية، التقيا للمرة الأولى في يناير/كانون الثاني 1914، ليتحدثا عن مشروع بناء جامعة في القدس.لم يكن البارون روتشيلد جزءاً من المنظمة الصهيونيّة العالميّة، ولكنه أسَّس المستعمرات الزراعية اليهودية للعليا الأولى وقام بنقلهم إلى الرابطة الاستعمارية اليهودية عام 1899. آتى هذا الاتصال أُكله في وقت لاحق من هذا العام، عندما طلب ابن البارون وهو جايمس دي روتشيلد، طلب لقاء وايزمان في 25 نوفمبر 1914، لكي يتطوَّع في التأثير على بعض من يعتبرون مقبولين في الحكومة البريطانية لأجندتهم لإقامة «دولة يهوديّة» في فلسطين. ومن خلال دوروثي زوجة جايمس، التقى وايزمان بروتزيسكا روتشيلد التي قدَّمته إلى الفرع الإنجليزيّ للعائلة، وتحديداً زوجها تشارلز وأخوه الأكبر منه والتر وهو عالم حيوان وعضو مؤسس في البرلمان. كان لوالدهما ناثان روتشيلد البارون الأول في العائلة ورئيس الفرع الإنجليزيّ من العائلة، كان له موقف متريّث من الصهيونيّة، ولكنه مات في مارس/آذار من عام 1915 وورث ابنه والتر اللقب عنه. تجدر الإشارة إلى أن  قبيل إعلان وعد بلفور، كان حوالي 8.000 من أصل 300.000 يهودي بريطاني ينتمون إلى المنظمة الصهيونيّة. وعلى المستوى العالمي، بحلول 1913، وهو آخر تاريخ معروف قبيل الإعلان، كان نسبة من ينتمون إلى الصهيونية تُعادل 1% من اليهود.

 

من جهة أخرى، تباينت الآراء تاريخياً حول مبررات منح بريطانيا الوعد والتمهيد لبدء الاستيطان الصهيوني في فلسطين، وتتبع تلك الآراء لتوجّهات متبنّيها ولأفكارهم حول وضع بريطانيا في ذلك الوقت ودور الحركة الصهيونية فيها، فأحد المبررات التي شاعت سابقاً في أوساط غربية ويهوديّة هو أن بريطانيا أرادت مكافأة للزعيم الصهيوني حاييم وايزمن على دوره في مساعدة قوات الحلفاء على حسم الحرب العالمية الأولى لمصلحتهم، من خلال مجهوده الحربي وابتكاراته الكيميائية في مجال تطوير الأسلحة.

 

لطالما تساءلت بين نفسي، كلما فكرت أو قرأت عن القضية الفلسطينية، عن السبب لاختيار فلسطين من دون دول العالم، لماذا لم تكن الأرجنتين أو إثيوبيا ولما لا جنوب أفريقيا، كلها كانت دولا قدمت في مخطط إنشاء دولة الكيان الصهيوني "إسرائيل"، لماذا إذن وقع الإختيار على فلسطين؟ قد يكون للأمر علاقة بالاحتلال البريطاني للأراضي الفلسطينية آنذاك، ولأنها كانت تفرض سلطتها عليها في ذلك الوقت بدا لها أن لها كامل الصلاحيات لفعل ما تريده، ناهيك عن الخرافات اليهودية حول "الأرض الموعودة، و"وعد الله"، و"ثابوث سليمان" وغيرها من التكهنات التي يؤمن بها اليهود، الشيء الذي سيشجع اليهود الرافضين لإقامة دولة جديدة للرضوخ لهاته الخطة الصهيونية، فنحن نعلم أن كل فكرة مرفوضة مكسوة بالدين هي مقبولة. ومن هذا الباب تم تسويق فكرة كان أساسها في الأول التخلص من خونة المسيح عيسى الملطخين بدماء "إبن الله"، في الفكر المسيحي، إلى إقامة دولة ستحقق نبوؤة الثورات التي وعد فيها الله اليهود بأرض يحكمون فيها من النيل إلى الفرات، حتى لو كان على حساب شعب بريء.

وكان المؤرخ الإسرائيلي آفي شليم، قد أكد في وقت صابق، في فيلم وثائقي أنتجته قناة الجزيرة، أنه "لم يكن لبريطانيا حق سياسي أو قانوني أو أخلاقي أن تعطي أرضا هي للعرب لأناس آخرين".

فلسطين إسرائيل وعد بلفور بريطانيا المجتمع الدولي الولايات المتحدة الأمريكية

أضف تعليقك

‫‫من شروط النشر : عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الإلهية، والابتعاد عن التحريض العنصري والشتائم‬.

‫تعليقات

0
صوت وصورة
الخميس 12 شتنبر 2024 - 12:37

صوت وصورة
الخميس 12 شتنبر 2024 - 12:35

صوت وصورة
الخميس 12 شتنبر 2024 - 12:34

صوت وصورة
الخميس 12 شتنبر 2024 - 12:33

صوت وصورة
الخميس 12 شتنبر 2024 - 12:32

صوت وصورة
الخميس 12 شتنبر 2024 - 12:32