خطاب الملك بالبرلمان: هل ستلتقط الحكومة والبرلمان الإشارات أم ستبقى دار لقمان على حالها؟

خطاب الملك بالبرلمان: هل ستلتقط الحكومة والبرلمان الإشارات أم ستبقى دار لقمان على حالها؟
17:18 السبت 11 أكتوبر 2025

 

بقلم/ ربيع كنفودي

ألقى جلالة الملك محمد السادس، أمس الجمعة، أمام البرلمان، خطابا ساميا أمام البرلمان، بمناسبة افتتاح السنة التشريعية الأخيرة للبرلمان. الخطاب بقدر ما شكل  خارطة طريق جديدة لتسريع مسيرة المغرب الصاعد، وترسيخ نموذج تنموي يقوم على العدالة الاجتماعية والتضامن المجالي، ويعود بالنفع على الشعب المغربي، تضمن رسائل قوية في مضمونها للحكومة والبرلمان على حد سواء، حيث قال جلالته، "إن السنة التي نحن مقبلون عليها حافلة بالمشاريع والتحديات، وإننا ننتظر منكم جميعا، حكومة وبرلمانا، أغلبية ومعارضة تعبئة كل الطاقات والإمكانات وتغليب المصالح العليا للوطن والمواطنين". انتهى كلام جلالته.

من هنا، وجب على الحكومة في سنتها الأخيرة، أن تغير جذريا في طريقة تدبييرها وتسييرها للشؤون العامة للبلاد، وأن تعيد ترتيب الاولويات، وأن تضع المواطن المغربي في صلب هذه الاولويات، ليس بالأرقام التي لا تسمن ولا تغني من جوع، وإنما بالإصلاح الحقيقي وتغيير الواقع الذي كان سببا في موجة الاحتجاجات التي كانت كردة فعل على سياسة التهميش واللامبالاة، وسياسة التجويع والتفقير التي مارستها الحكومة منذ تعيينها. 
على الحكومة أيضا، أن تستحضر مصلحة الوطن أولا والمواطنين، لا أن تعمل على تحقيق مصالحها الشخصية ومصالح مقربيها ومقربي مقربيها، فكفى.

لقد حمل الخطاب الملكي رسائل قوية ومباشرة إلى أعضاء البرلمان والحكومة وكل الفاعلين في الشأن العام، دعاهم فيها جلالته إلى مضاعفة الجهود من أجل تحقيق الأهداف الاستراتيجية الكبرى للمملكة، عبر تعبئة كل الطاقات الوطنية، والانخراط الفعّال والمسؤول في ورش وطني متكامل يروم تحسين جودة حياة المواطنين.

وأكد جلالة الملك، في هذا الإطار، أن الغاية العليا تكمن في الارتقاء بمستوى عيش المواطنين من خلال توفير خدمات ومرافق عمومية ذات جودة عالية، تضمن الكرامة والعدالة والإنصاف. كما شدد جلالته على أن العدالة الاجتماعية وتقليص الفوارق المجالية ليست شعارات ظرفية، بل هي حجر الزاوية في مسار التنمية الشاملة والمندمجة.

ومن بين الرسائل القوية التي تضمنها الخطاب الملكي، التأكيد على أن العدالة لا يمكن أن تتحقق إلا عبر حكامة مسؤولة وفعالة، وتغيير جذري في العقليات وأساليب العمل التقليدية، بما يواكب التحولات التي يشهدها المغرب ويستجيب لتطلعات الجيل الجديد من المواطنين.

كما أبرز الخطاب السامي العناية الخاصة التي يوليها جلالة الملك لجميع المغاربة، والتي تجلت في دعوته الصريحة إلى الحكومة وممثلي الأمة لتغليب المصلحة العليا للوطن والمواطنين، وتعبئة كل الإمكانيات والطاقات الوطنية من أجل تحقيق التنمية المتوازنة والمنصفة.

إن خطاب جلالة الملك أمام البرلمان جاء في لحظة دقيقة من المسار الوطني، ليعيد رسم معالم طريق واضحة المعالم نحو مغرب أكثر تضامنًا وعدالة وازدهارًا. وهو خطاب يضع المسؤولين والمؤسسات أمام مسؤولية تاريخية، ويجعل من التنمية الشاملة مشروعًا وطنيًا يتقاسمه الجميع. فمصلحة الوطن والمواطنين تقتضي الابتعاد عن منطق الريع والاحتكار والاستفادة من هنا وهناك، تقتضي القطع مع تضارب المصالح التي كانت ولازالت من المخلفات السيئة لهذه الحكومة.

على الحكومة أن تعمل على تعبئة كل الطاقات، والابتعاد عن منطق المحاباة في التعيينات، وهو الأمر الذي كان سببا في تردي العديد من القطاعات الاجتماعية مثل الصحة نموذجا، حيث كشفت الإعفاءات الأخيرة الانتماءات السياسية والحزبية لهؤلاء الأشخاص الذين عينوا بمنطق حزبي سياسي، منطق "هذا ديالنا"، عوض منطق "الرجل المناسب في المكان المناسب"..

ما يقال عن الحكومة، هو ايضا موجه للبرلمان، وبالضبط للأغلبية البرلمانية، التي وجب عليها الآن أن تخلع ثياب الموالاة والمحاباة للأغلبية الحكومية، وتقوم بدورها التشريعي المنصوص عليه في الدستور. عليها أن تعمل على إيصال هموم ومشاكل المواطنين، لكونهم ممثلي الشعب وليس ممثلي الحكومة.. 
وعلى ذكر كلمة "ممثل"، وجب على الأغلبية البرلمانية أن تبتعد عن تلك الأدوار السينمائية الخيالية، وتعيش الواقع بمره قبل حلوه، خصوصا وأن الممثل كان دائما يجسد الواقع المعيش للمواطن وليس العكس، فهو إما يجسد دور البرجوازية المتغولة، أو يجسد دور الطبقة الكادحة التي باتت تشتكي من التغول والتحكم في كل شيء..
على البرلمان، أن يقطع مع تلك العلاقة التي تنبني على التصويت فقط، ويمارس مهامه في مساءلة ومراقبة العمل الحكومي والسياسات العمومية. على البرلمان، أن يغير من أسلوب خطابه الذي يقتل روح الأمل وينشر الغضب والاحتجاج، فالمواطن المغربي ينتظر التفعيل ويريد الانصات إلى حلول حقيقية، ولا يريد الانصات لكلام معسول من قبيل "العام زين"، "كلشي فرحان"...

ختاما، كان خطاب الملك كباقي الخطابات الملكية السامية، تجسيدا لملحمة ثورة الملك والشعب، وكان أيضا رسالة أمل للشعب المغربي الذي فقد الثقة في الحكومة والبرلمان والأحزاب السياسية، فهل ستعمل الحكومة والبرلمان على حد سواء لتفعيل وتنزيل ما جاء في الخطاب وخطاب العرش، أم سيبقى الوضع كما هو عليه..؟

أضف تعليقك

‫‫من شروط النشر : عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الإلهية، والابتعاد عن التحريض العنصري والشتائم‬.

‫تعليقات

0
صوت وصورة
الأربعاء 06 غشث 2025 - 15:31

صوت وصورة
الأربعاء 06 غشث 2025 - 15:28

صوت وصورة
الأربعاء 06 غشث 2025 - 13:15

صوت وصورة
الأربعاء 06 غشث 2025 - 13:14

صوت وصورة
الخميس 12 شتنبر 2024 - 12:37

صوت وصورة
الخميس 12 شتنبر 2024 - 12:35