بقلم/ ربيع كنفودي
في الوقت الذي خرج فيه حزب الأصالة والمعاصرة الثاني في التحالف الحكومي من خلال فاطمة الزهراء المنصوري، وأقر بأن الحكومة فشلت في العديد من الأمور. ونفس الشيء بالنسبة لحزب الاستقلال حزب علال الفاسي مدرسة النقد الذاتي، حيث دعا الحكومة في بلاغ اللجنة التنفيذية إلى ضرورة التسريع بوتيرة الإصلاح في قطاع الصحة والتعليم،
مازال حزب التجمع الوطني للاحرار الأول في الانتخابات، يخرج للشعب من خلال وجوه أقل ما يقال عنها أنها كانت سببا فيما وصل إليه الحزب من خلال تصريحاتهم المستفزة التي تؤجج أكثر من أن تكون رسالة اطمئنان للشعب المغربي الذي لم يعد يحلم سوى بتحقيق وتنزيل الحقوق الدستورية التي نص عليها الدستور ونصت عليها المواثيق الدولية باعتبارها حقوقا كونية، وليست وليدة اللحظة أو هاته الحكومة..
وأنا أتابع وأنصت بإمعان لتدخلات أعضاء لجنة القطاعات الاجتماعية التي انعقدت أمس الأربعاء، بحضور وزير الصحة والحماية الاجتماعية، لمناقشة "الوضعية الراهنة للمنظومة الصحية والتدابير المتخذة من أجل تسريع تنزيل إصلاحها لضمان حق المواطنين في العلاج والرعاية الصحية"، وقفت على حقيقة مرة أن البعض من النواب البرلمانيين الذين ينتمون للأغلبية الحكومية، وبالضبط إلى حزب التجمع الوطني للأحرار، لم يستوعبوا جيدا النقطة موضوع النقاش في أشغال اللجنة، ولم يستوعبوا بعد أن الشباب الذين خرجوا للمطالبة بهذه الحقوق les droits fondamentaux، خرجوا من خلال قناعاتهم الراسخة أن الحقوق لا مزايدات فيها، وأن تنزيلها ليس صدقة تعطى، بل واجبا على من أراد أن يتحمل مسؤولية تدبير الشأن العام..
وقفت أيضا على مستوى الخطاب والنقاش الذي تم تداوله من طرف هؤلاء. ففي الوقت الذي عبرت فيه برلمانية رئيسة المجلس الوطني للبام، بحرقة عن واقع الصحة بجهة الدار البيضاء/ سطات، وقدمت حالات ملموسة للوزير وأكدت على أن دور الأغلبية البرلمانية لا ينحصر فقط في التصويت، بل يجب أن ينحصر في مراقبة الحكومة لأن دور البرلمان والمؤسسة التشريعية هو مراقبة عمل الحكومة، التي قالت عنها النائبة في مداخلاتها إنها لا تتجاوب مع البرلمانيين..
وفي الوقت كذلك الذي قدم فيه نواب أحزاب المعارضة مداخلات قيمة تكشف تردي خدمات قطاع الصحة، وتحدثوا بالأرقام عن المشاكل المرتبطة بالقطاع..
خرج آخرون من حزب الأغلبية، واجهوا بالأمس القريب منتقديهم بكلمات نابية وعبارات أقل ما يمكن القول بخصوصها أنها دون المستوى. وفي لقاء أمس عبروا عن تضامنهم مع الشباب الذي خرج مطالبا للحقوق، بل قالوا "نحن فخورون أننا ننتمي لهذه الفئة".. كيف ذلك، الله أعلم..
خرج هؤلاء في مداخلاتهم، عفوا ردودهم كما عودونا مرار في الجلسات الأسبوعية والشهرية، عوض أن يناقشوا واقع الصحة المؤلم بشهادة الجميع، خرجوا يطبلون ويزمرون لإنجازات وحصيلة وأرقام لا توجد إلا في مخيلاتهم أو العروض التي يقدمها الوزير وقدمها رئيس الحكومة سابقا.. عوض تقديم حلول أو على الأقل مقترحات، خرجوا ينوهون بالوزير وينتقدون سابقيه الذين تقلدوا مسؤولية هذا القطاع. فإذا كانت هناك إصلاحات حقيقية وملموسة، فلماذا خرج هؤلاء الشباب يطالبون بهذا الحق وذاك الحق..؟؟
فعلا إنه لأمر مخزي للغاية، نواب يسيرون بمنطق إما تكون معانا في كل شيء، وإما ننتقدك ولو كنت معنا في الأغلبية، وهو الأمر الذي وقع في وقت سابق مع رئيس أحد الفرق البرلمانية عندما تحدث عن معاناة المواطنين. ووقع أيضا لأحد النواب البرلمانيين من حزب الأغلبية عنما قال "با واحد، وأب المغاربة هو سيدنا الله ينصره، وانتقد بعدها سياسية التسيير.." وهو ما أكده رئيس فريق حزب الأغلبية،عندما قال في الجلسة المخصصة للأسئلة الشفوية لوزير الصحة، "أستغرب لمداخلات بعض النواب من الأغلبية، لم يكن موقفهم هو نفس الموقف في الجلسة الشهرية لرئيس الحكومة.."
والغريب في الأمر، أن هؤلاء الذين نجحوا طيلة هذه المدة في الدفاع عن الحزب والهجوم على كل من ينتقده سواء داخل الحكومة، البرلمان أو من خارج هذين المؤسستين، باتوا يمررون مغالطات من قبيل أن هناك جهات حرضت على الخروج إلى الشارع، وهو كلام باطل يراد به طمس حقيقة الفشل الذي طغى على هذه المرحلة، والدليل هو 47% من الشباب عاطل.. ارتفاع نسبة التضخم إلى 90% ارتفاعا يؤدي إلى ارتفاع الأسعار وتدني القدرة الشرائية للأسر.
قلناها ونكرر قولها، أن الشعب فقد الثقة في السياسة والسياسيين بسبب الخطابات ذات المضمون الفارغ، الخطابات التي تحمل في جملها وكلماتها السب والشتم والنعت بالصفات الحيوانية، خطابا أفرغ من محتواه، زعزعة صورة السياسة بمفهومها الواسع، وليس مفهومها الذي بات معروفا "طبل وزمر"..
وأختم بما عبر به الزعيم السياسي علال الفاسي في كتابه "النقد الذاتي" حيث اتخذ المرحوم الحرية والفكر أساسا للنجاح، ودعا إلى نشر حرية التفكير حتى لا يظل المغرب واقفا على طبقة معينة أو حكرا على فئة خاصة.
أضف تعليقك
من شروط النشر : عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الإلهية، والابتعاد عن التحريض العنصري والشتائم.
تعليقات
0