أحمد صبار- كنال 13 بالعربي
عرف إقليم جرسيف مؤخرا ما سمي "بالغضبة العاملية" أو بــ "أحداث الدجاجات الثلاث" بإحدى مؤسسات الرعاية الاجتماعية بجماعة من جماعات إقليم جرسيف القروية، فتضاربت الآراء واختلفت، بين مؤيد ومعارض للخطوة التي أقدم عليها المسؤول الأول بالإقليم، مما يفرض علينا العودة لهذا الموضوع كمتتبعين للشأن المحلي بهذا الإقليم، ونعرض بعض الملاحظات والنقط المتعلقة بسير عدد من هذه المؤسسات بجرسيف على أمل التدخل لمعالجتها بالشكل السليم.
ولربط باقي الكلام بما سبقه في مقدمة هذا المكتوب، لا بد وأن نعرض عن أهم الملاحظات التي تم تسجيلها خلال حادث دار الطالب والطالبة بجماعة تادرت القروية، والتي أثارت زوبعة من الانتقادات، خصوصا بعد أن فهم المتتبعون للشأن المحلي مقاصد وأهداف تلك الحركات التي تم تصويرها بتفاصيلها الدقيقة وتم توزيع المادة "فيديو" على بعض المنابر الإعلامية التي ألفت الجاهز كما ألفت بلع الطعم قبل مضغه، ويبقى عناء وضع "لوغو" المنشآت التي ينتمون إليها مدفوع الأجر عند الله.
نعلم كما يعلم كل المتبصرين والمتمرسين بوجود بروتوكولات رسمية قبل وأثناء زيارة المسؤولين لهذه المؤسسات، خصوصا إذا تعلق الأمر بكبارهم، وأن المؤسسات المُراد زيارتها يكون مسؤولوها على علم مسبق حتى يتم التحضير لذلك وحتى ترقى تلك الأماكن إلى مستوى تطلعات زائريها ولو على مستوى الشكل، في حين أن المطلوب (في جميع الحالات ودون محاباة) القيام بزيارات مباغتة ومتواصلة للوقوف على مدى احترام هذه المؤسسات للقانون المنظم لسيرها، في أفق النهوض بها وتجويد خدماتها.
يكتشف كل من سيحاول التمعن في تشكيلة جل الجمعيات المسيرة لمؤسسات الرعاية الاجتماعية بإقليم جرسيف، تربع الأعيان وذوي النفوذ على عرش مكاتبها، في وقت يتم تهميش أو إقصاء الطاقات المتوفرة على شهادات ومؤهلات، تسمح لها بالتدبير والتسيير السليم لهذه المرافق، التي تحتاج في عدد من الحالات لموارد بشرية أكثر منه لموارد مالية أو زيارات، سواء كانت منظمة أو مباغتة.
وتبقى السمة الطاغية على عملية تسيير مؤسسات الرعاية الاجتماعية، ليس فقط بإقليم جرسيف، وإنما بجلها على المستوى الوطني، ضعف المراقبة وعدم تفعيل عمل لجانها رغم أن القانون رقم 65.15 المتعلق بمؤسسات الرعاية الاجتماعية يؤكد في المادة 26، على أن "تخضع مؤسسة الرعاية الاجتماعية لمراقبة دورية، تهدف إلى التأكد من احترام المؤسسة لأحكام هذا القانون والنصوص المتخذة لتطبيقه وكذا للمعايير المطبقة عليها المنصوص عليها في دفتر التحملات..."، وفي المادة 27 على أن "تقوم بالمراقبة المنصوص عليها في المادة 26 أعلاه، لجنة لمراقبة مؤسسات الرعاية الاجتماعية يتولى رئاستها العامل أو من يمثله" وهذا ما لم يتم تسجيله قبل "أحداث الدجاجات الثلاث" اللهم بعض التدابير التي تلت ذلك من أجل إضفاء بعض المشروعية عن "الغضبة".ويعتبر عدم احترام القانون، خصوصا مدونة الشغل والمتعلقة بنودها بأجور المستخدمين والمستخدمات والتي لا تتجاوز في بعض المؤسسات 1300 درهم، وهي التي تشمل حتى أطر الإدارة، مما يفرض ضرب مبدأ الاستقرار في العمل والذي يتجلى في الاشتغال لمدة محدودة، علما أن ذلك يتم بدون عقود عمل قانونية، بالإضافة إلى عدم احترام ساعات العمل القانونية (8 ساعات)، إذ يشتغل عدد من المربون والمربيات لأزيد من 16 ساعات مع المبيت بمؤسسات الرعاية الاجتماعية، وكذا عدم الاستفادة من التعويضات على هزالتها خلال العطلة السنوية.
ووجبت الإشارة في ذات السياق، إلى ضعف جودة الوجبات الغذائية وتشابهها في جل مؤسسات الرعاية الاجتماعية، خاصة بالعالم القروي، علما أن البرامج الغذائية يصادق عليها رؤساء الجمعيات المسيرة للمؤسسات والمدير والطبيب... فمن واجب المسؤول الأول في المديرية الإقليمية للتعاون الوطني والمديرية الإقليمية لوزارة التربية الوطنية، التتبع والمواكبة والمراقبة، للتأكد من مدى استفادة الطلاب من حصصهم الغذائية اليومية (كل مستفيد ممنوح له الحق في 20 درهم كقيمة لثلاث وجبات، وهي قيمة مهمة في حدها الأدنى إذا توفر شرط حسن التدبير المُشار إليه في الفقرة السابقة).
ويتجلى عدم احترام الإجراءات التي تضمنها الدليل العملي الذي أعدته الوزارة الوصية والمتعلق بمواكبة الرفع التدريجي للحجر الصحي، في عدم التتبع والتقييم، عدم السهر على تطبيق الإجراءات الاحترازية في أغلب المؤسسات، عدم اعتماد التفويج، عدم توفير الوسائل اللازمة (الكمامات، المعقم وغيرها)، عدم احترام التباعد الجسدي، والأكل الجماعي من طبق واحد.
وكان من الضروري، توفر مؤسسات الرعاية الاجتماعية بإقليم جرسيف كما بباقي الأقاليم، على مكتب أو مصلحة صحية لتقديم الخدمات الطبية والأدوية للمستفيدين في حالة المرض، وتوفير التتبع النفسي والاجتماعي وخلايا الإنصات لمن يستحق ذلك، وما أكثرهم بمثل هذه المؤسسات، مع تعميم تسجيل التلاميذ القرويين في وضعية صعبة وتمكينهم من الاستفادة من المنحة تماشيا ووضعيتهم الهشة، ناهيك عن مجموعة من المشاكل الأخرى، كافتقاد جل هذه المؤسسات للمرافق الرياضية، واستعمالها كمأوى لحل قضايا اجتماعية ليست لها علاقة مباشرة بمهام المؤسسة، في حين يبقى المطلوب هو توفير مؤسسات خاصة بكل فئة في وضعية صعبة (المشردون وغيرهم)، وغياب التدفئة خصوصا في خلال الفصول الباردة وعدم احترام العديد من المزودين Fournisseurs لدفتر التحملات... وهذا ما لم ترصده كاميرا منبر عمالة جرسيف، وهذا ما لم يتم الإبلاغ عنه والوقوف عنده حتى نصدق ما نشاهده وما تداولته الأبواق.
canal13
أضف تعليقك
من شروط النشر : عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الإلهية، والابتعاد عن التحريض العنصري والشتائم.
تعليقات
0