canal13 بالعربي الدكتور خالد الشرقاوي السموني ، أستاذ بكلية الحقوق بالرباط و بالمعهد العالي للإعلام و الاتصال
اتسعت اليوم دائرة تكنولوجيا المعلومات كوسيلة للاتصال في شتى مجالات الحياة لتحقيق ما يسعى إليه الإنسان من اختصار للوقت والمسافة والجهد البدني والذهني، وأصبحت هذه التكنولوجيا الحديثة للاتصال توفر معلومات غزيرة تتعلق بكافة ميادين الحياة السياسية و الاجتماعية والاقتصادية والعلمية وغيرها.
وتشكل شبكة الإنترنت أهم إنجازات ثورة تكنولوجيا المعلومات التي شهدها العالم، حيث إن التطور المذهل للشبكة وانتشار التقنيات الحديثة للاتصال وتزايد تطبيقاتها في مجال الإعلام والاتصال ساهم في ظهور نوع جديد من الإعلام وهو الإعلام الإلكتروني كظاهرة إعلامية جديدة يتميز بسرعة الانتشار والوصول إلى قاعدة واسعة من الجمهور و أصبح يشكل وسيلة فعالة لنشر المعلومة والحصول عليها.
ويعد الإعلام الالكتروني أحد محاور الحياة المعاصرة و من أكثر القطاعات نموا ، لكن استخدامه المتزايد إلى أدى كثير من المخاطر ، إذ أفرز أنواعا جديدة من الجرائم يطلق عليها "الجرائم المعلوماتية أو الالكترونية "، من بينها الجرائم التي تستعمل فيها الوسائل الإلكترونية أداة للنشر، و تلحق ، الأمر الذي لفت نظر المجتمع الدولي إلى المخاطر والتحديات التي تواجهها الشبكة الدولية للمعلومات وشبكات الحاسب الآلي، وأن الجرائم المعلوماتية أصبحت قبل أي وقت مضى تهدد بشكل واضح الأفراد و المجتمع ، نظرا للأضرار التي تلحق بهم ، بسبب الأخبار الزائفة و الصور و الفيديوهات التي تمس الحياة الخاصة للأفراد و القذف و التشهير و المقاطع الإباحية و غير ذلك .
وأمام هذا الوضع المقلق اهتم المجتمع الدولي بالإعلام الالكتروني، حيث أولت منظمة الأمم المتحدة مسألة مواجهة الجرائم المعلوماتية اهتماما كبيراً خصوصا خلال مؤتمر الأمم المتحدة العاشر لمنع الجريمة ومعاملة المجرمين الذي انعقد في فيينا أيام 10 – 17 أبريل 2000، وكذلك خلال مؤتمر الأمم المتحدة الحادي عشر لمنع الجريمة والعدالة الجنائية الذي انعقد في بانكوك أيام 18-25 أبريل 2005.
وكما هو الحال في كل دول العالم ،استفحلت الجريمة الالكترونية في المملكة المغربية خلال العقود الأخيرة، وأصبح القضاء المغربي في محك حقيقي، عندما وضعت أمامه قضايا تتعلق بهذا النوع من الجرائم ، خصوصا مع وجود فراغ تشريعي في مجال مكافحة الجرائم المعلوماتية سابقا، الأمر الذي دفع المشرع المغربي إلى سن تشريعات حديثة أو إضافة نصوص أخرى لمجموعة القانون الجنائي المغربي تتلاءم وخصوصية الجريمة المعلوماتية.
ونذكر في هذا الصدد الباب العاشر المتعلق بالمس بنظم المعالجة الآلية للمعطيات (الفصول من 3-607 إلى 11-607 ) الذي أضيف بمقتضى المادة الفريدة من القانون رقم 07.03 بتتميم مجموعة القانون الجنائي في ما يتعلق بالجرائم المتعلقة بنظم المعالجة الآلية للمعطيات، الصادر بتنفيذه ظهير شريف رقم 1.03.197 بتاريخ 16 من رمضان 1424 (11 نوفمبر 2003)، كما نشير أيضا إلى بعض المقتضيات المتعلقة بالجريمة الالكترونية الواردة في القانون رقم 03-03 بتتميم مجموعة القانون الجنائي المتعلق بمكافحة الإرهاب الصادر بتاريخ 28 ماي 2003( الفصول من 1- 218 إلى9-218) ، و في القانون رقم 03-24 بتتميم مجموعة القانون الجنائي المتعلق بتعزيز الحماية الجنائية للطفل والمرأة الصادر بتاريخ 11 نوفمبر 2003(الفصل1-503 والفصل 2-503) ، و القانون المغربي رقم 08-09 المتعلق بحماية الأشخاص الذاتيين تجاه معالجة المعطيات ذات الطابع الشخصي الصادر بتاريخ 18 فبراير 2009 ، و القانون رقم 13.88 المتعلق بالصحافة والنشر الصادر بتاريخ 10 أغسطس 2016 ( المواد من 33 إلى 42) .
وموازاة مع ذلك، صادقت المملكة المغربية على الاتفاقية العربية لمكافحة جرائم تقنية المعلومات الموقعة بالقاهرة في 21 ديسمبر 2010 بموجب القانون رقم75.12 الصادر بتاريخ 13 مارس 2013 . كما صدر مرسوم رقم 2.15.712 بتاريخ22/03/2016 بتحديد إجراءات حماية نظم المعلومات الحساسة للبنيات التحتية ذات الأهمية الحيوية، والمرسوم مرسوم رقم 2.11.508 بتاريخ 21/10/2011 يحدث بموجبه اللجنة الاستراتيجية لأمن نظم المعلومات ،و منشور رئيس الحكومة رقم 3/2014 بتاريخ 10/03/2014 في موضوع تطبيق التوجهات الوطنية لأمن نظم المعلومات .
غير أن النصوص القانونية الحالية المتعلقة بالإعلام الالكتروني أو بمكافحة الجريمة الالكترونية ، و المتفرقة في عدد من التشريعات ، تبقى ناقصة و غير كافية لمواجهة هذا النوع من جرائم الإعلام الجديد التي تعتمد في ارتكابها على وسائل التقنية المتطورة ، كما أن الإعلام الالكتروني لا ينبغي حصره فقط في الصحافة الالكترونية ، لأنه يشمل أيضا "الفايسبوك" و "التويتر" و "الانستغرام" و "اللينكد إن" و" اليوتوب" و المدونات و غير ذلك ، وهذه التفاصيل لم تتطرق إليها القوانين المشار إليها أعلاه ، مما يقتضي إفراد قانون خاص بالإعلام الإلكتروني يكون شاملا و دقيقا ، و من بين أهدافه الرئيسية :
أولا: تعزيز وتطوير الترسانة التشريعية والتنظيمية لقطاع الإعلام و الاتصال من خلال استصدار تشريع عصري يهدف إلى تعزيز حرية الرأي والتعبير وحق الوصول إلى المعلومات وإتاحتها للجميع، ورفع الحواجز والعوائق التي تمنع تدفقها والحصول عليها وإرسالها وإعادة إرسالها بواسطة الإعلام الإلكتروني، وفقاً لما نص عليه الدستور المغربي و العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية و السياسية .
ثانيا : ضبط مجال ممارسات الإعلام الالكتروني بنص قانون خاص لوضع حد لكل الاختلالات التي يعرفها وذلك حماية لحقوق و حريات الأفراد و الجماعات من كل ما يضر بهم من أخبار زائفة أو اعتداء على كرامتهم و شرفهم و حياتهم الخاصة من جهة ، و حماية المجتمع و ضمان أمنه و استقراره و من جهة ثانية .
ثالثا : مواكبة تطورات تكنولوجيا المعلومات التي غيرت من شكل الإعلام وأدواته في الآونة الأخيرة، حيث أصبح الإعلام الإلكتروني أحد أكثر الأدوات تأثيرا وانتشاراً، وأن تنظيمه سينعكس إيجابا على المحتوى الإعلامي بصفة عامة.
أضف تعليقك
من شروط النشر : عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الإلهية، والابتعاد عن التحريض العنصري والشتائم.
تعليقات
0