أفادت مصادر مطلعة بأن الإدارة المركزية أصدرت توجيهات للسلطات الإقليمية، ممثلة في عمال العمالات والأقاليم، لتشكيل لجان إدارية متخصصة بمراجعة الوثائق المرتبطة بمشاريع جماعية تعاني من التعثر، وأخرى تم برمجتها منذ سنوات ولكن لم تُنجز بعد. تهدف هذه الخطوة إلى تحديد أسباب هذا التعثر ومعرفة مصير الاعتمادات المالية المخصصة لها، التي تجاوزت 118 مليون درهم. وأشارت المصادر إلى أن هذا القرار جاء استنادًا إلى تقارير تكشف عن ضعف ملحوظ في نسب إنجاز بعض المشاريع الجماعية، حيث لم تتجاوز في بعض الحالات 30%، بسبب نقص في التخطيط الاستراتيجي وإدارة غير فعّالة.
كما أكدت المصادر أن التقارير المرفوعة للمصالح المركزية سلطت الضوء على وجود مخالفات كبيرة تشمل صفقات صورية وتلاعبات، حيث مُنحت مشاريع للجماعات لشركات يملكها أقارب لمسؤولين كبار أو منتخبين ورؤساء مجالس ومستشارين. في هذا الصدد، ستعتمد لجان الافتحاص الإدارية على قواعد بيانات رقمية ومعلومات من الخزينة العامة ومديرية الضرائب للتعمق في هذه الخروقات. ومن المقرر إعداد تقارير شاملة لتحديد المسؤولين واقتراح الإجراءات القانونية اللازمة بحق الأطراف المتورطة. وأشارت كذلك إلى أن بعض المسؤولين الجماعيين تورطوا في ابتكار شروط غامضة وإقصائية بهدف منع مقاولات معينة من المنافسة على طلبات العروض والصفقات، مما أتاح لهم التحكم في مسار هذه المشروعات واستغلالها بشكل غير قانوني.
وأوضحت المصادر ذاتها أن عمل لجان الافتحاص سيمتد ليشمل جماعات قروية وحضرية، بعضها شهد قرارات قضائية بعزل رؤسائها، والبعض الآخر يخضع لمتابعات أمام محاكم "جرائم الأموال" بسبب اختلالات مالية وإدارية جرى توثيقها في تقارير سابقة أعدتها المفتشية العامة للإدارة الترابية. الجدير بالذكر أن اللجان الجديدة شرعت بطلب وثائق خاصة بصفقات مشاريع كانت موضوع شكاوى قدمتها شركات متضررة، وذلك بغرض دراستها والتحقق من صحة المعلومات قبل مخاطبة رؤساء الجماعات ومديري المصالح الجماعية بشأن اختيار مقاولات بعينها لتنفيذ مشاريع مرتبطة بتحديث شبكات المياه الصالحة للشرب أو تحسين البنى التحتية، مثل المسالك القروية والمستوصفات وإصلاح المدارس.
ويشار عبد الوافي لفتيت، وزير الداخلية، خلال جلسة للأسئلة الشفوية بمجلس المستشارين مع بداية العام الجاري، بأنه تم إنجاز 8170 مشروعاً من أصل 10,939 مشروعاً مبرمجاً ضمن برنامج تقليص الفوارق المجالية والاجتماعية للفترة من 2017 إلى 2023، محققاً بذلك نسبة إنجاز بلغت 75%. وأوضح أن هذه المشاريع شملت مجالات حيوية متعددة، منها تأهيل الطرق والمسالك القروية بـ2511 مشروعاً، وقطاع التعليم بـ1981 مشروعاً، ومجال الصحة بـ1462 مشروعاً، فضلاً عن تنفيذ 273 مشروعاً للكهربة القروية و943 مشروعاً لتوفير المياه الصالحة للشرب.
وتعمل لجان الافتحاص الإداري على إجراء عمليات تدقيق معمقة بهدف التحقق من دقة المعلومات الواردة في تقارير رفعت إلى الإدارة المركزية. هذه التقارير تتعلق بلجوء شركات، يملكها بالفعل مسؤولون جماعيون، إلى آليات الجماعات نفسها لتنفيذ صفقات أشغال، مما يشكل خرقًا صريحًا لمبدأ تعارض المصالح المنصوص عليه قانونياً. كما أشارت التقارير إلى وجود تبادل ممنهج للصفقات بين مسؤولين في جماعات مختلفة، يُعتقد أنه يهدف إلى التحايل على القانون وتجنب إثارة الشبهات. وتشير الوقائع إلى أن بعض المسؤولين في جماعات معينة قاموا بمنح صفقات لمقاولات مرتبطة بمسؤولين آخرين من جماعات مختلفة، والذين بدورهم منحوا صفقات مماثلة لمسؤولين لتُنجز داخل نطاق نفوذهم الترابي.
أضف تعليقك
من شروط النشر : عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الإلهية، والابتعاد عن التحريض العنصري والشتائم.
تعليقات
0